فصل: الفصل الحادي عشر: النبض الذي توجبه المتناولات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.الفصل الثامن: المزاج الحار:

أشد حاجة فإن ساعدت القوة والآلة كان النبض عظيماً وإن خالف أحدهما كان على ما فصل فيما سلف وإن كان الحار ليس سوء مزاج بل طبيعياً كان المزاج قوياً صحيحاً والقوة قوية جداً ولا تظنن أن الحرارة الغريزية يوجب تزايدها نقصاناً في القوة بالغة ما بلغت بل توجب القوة في الجوهر الروحي والشهامة في النفس والحرارة التابعة لسوء المزاج كلما ازدادت شدة ازدات القوة ضعفاً.
وأما المزاج البارد فيميل النبض إلى جهات النقصان مثل الصغر خصوصاً والبطء والتفاوت فإن كانت الآلة لينة كان عرضها زائداً وكذلك بطؤها وتفاوتها وإن كانت صلبة كانت دون ذلك.
والضعف الذي يورثه سوء المزاج البارد أكثر من الذي يورثه سوء المزاج الحار لأن الحار أشد موافقة للغريزية.
وأما المزاج الرطب فتتبعه الموجية والاستعراض واليابس يتبعه الضيق والصلابة ثم إن كانت القوة قوية والحاجة شديدة حدث ذو القرعتين والمتشنّج والمرتعش ثم إليك أن تركب على حفظ منك للأصول.
وقد يعرض لإنسان واحد أن يختلف مزاج شقيه فيكون أحد شقيه بارداً والآخر حاراً فيعرض له أن يكون نبضا شقّيه مختلفين الاختلاف الذي توجبه الحرارة والبرودة فيكون الجانب الحار نبضه نبض المزاج الحار والجانب البارد نبضه نبض المزاج البارد ومن هذا يعلم أن النبض في انبساطه وانقباضه ليس على سبيل مد وجزر من القلب بل على سبيل انبساط وانقباض من جرم الشريان نفسه.

.الفصل التاسع: نبض الفصول:

أما الربيع فيكون النبض فيه معتدلاً في كل شيء وزائداً في القوة وفي الصيف يكون سريعاً متواتراً للحاجة صغيراً ضعيفاً لانحلال القوة بتحلل الروح للحرارة الخارجة المستولية المفرطة.
وأما في الشتاء فيكون أشد تفاوتاً وإبطاءً وضعفاً مع أنه صغير لأن القوة تضعف.
وفي بعض الأبدان يتفق أن تحقن الحرارة في الغور وتجتمع وتقوي القوّة وذلك إذا كان المزاج الحار غالباً مقاوماً للبرد لا ينفعل عنه فلا يعمق البرد.
وأما في الخريف فيكون النبض مختلفاً وإلى الضعف ما هو.
أما اختلافه فبسبب كثرة استحالة المزاج العرضي في الخريف تارة إلى حر وتارة إلى برد.
وأما ضعفه فلذلك أيضاً فإن المزاج المختلف في كل وقت أشد نكاية من المتشابه المستوي وإن كان رديئاً ولأن الخريف زمان مناقض لطبيعة الحياة لأن الحر فيه يضعف واليبس يشتد وأما نبض الفصول التي بين الفصول فإنه يناسب الفصول التي تكتنفها.

.الفصل العاشر: نبض البلدان:

من البلدان معتدلة ربيعية ومنها حارة صيفية ومنها باردة شتوية ومنها يابسة خريفية فتكون أحكام النبض فيها على قياس ما عرفت من نبض الفصول.

.الفصل الحادي عشر: النبض الذي توجبه المتناولات:

المتناول يغيّر حال النبض بكيفيته وكميته.
أما بكيفيته فبأن يميل إلى التسخين أو التبريد فيتغيّر بمقتضى ذلك.
وأما في كميته فإن كان معتدلاً صار النبض زائداً في العظم والسرعة والتواتر لزيادة القوة والحرارة ويثبت هذا التأثير مدة.
وإن كان كثير المقدار جداً صار النبض مختلفاً بلا نظام لثقل الطعام على القوة وكل ثقل يوجب اختلاف النبض.
وزعم أركاغانيس أن سرعته حينئذ تكون أشد من تواتره وهذا التغير لابث لأن السبب ثابت وإن كان في الكثرة دون هذا كان الاختلاف منتظماً وإن كان قليل المقدار كان النبض أقل اختلافاً وعظماً وسرعة ولا يثبت تغيره كثيراً لأن المادة قليلة فينهضم سريعاً ثم إن خارت القوة وضعفت من الإكثار والإقلال أيهما كان تضاهي النبضان في الصغر والتفاوت آخر الأمر وإن قويت الطبيعة على الهضم والإحالة عاد النبض معتدلاً.
وللشراب خصوصية وهو أن الكثير منه وأن كان يوجب الاختلاف فلا يوجب منه قدراً يعتد به وقدراً يقتضي إيجابه نظيره من الأغذية وذلك لتخلخل جوهره ولطافته ورقته وخفته وأما إذا كان الشراب بارداً بالفعل فيوجب ما يوجبه الباردات من التصغير وإيجاب التفاوت والبطء إيجاباً بسرعة لسرعة نفوذه ثم إذا سخن في البدن أوشك أن يزول ما يوجبه والشراب إذا نفذ في البدن وهو حار لم يكن بعيداً جداً عن الغريزة وكان يعرض تحلل سريع لىان نفذ بارداً بلغ في النكاية ما لا يبلغه غيره من الباردات لأنها تتأخر إلى أن تسخن ولا تنفذ بسرعة نفوذه وهذا يبادر إلى النفوذ قبل أن يستوي تسخنه وضرر ذلك عظيم وخصوصاً بالأبدان المستعدة للتضرر به وليس كضرر تسخينه إذا نفذ سخيناً فإنه لا يبلغ تسخينْه في أول الملاقاة أن ينكي نكاية بالغة بل الطبيعة تتلقاه بالتوزيع والتحليل والتفريق.
وأما البارد فربما أقعد الطبيعة وخمد قوتها قبل أن ينهض للتوزيع والتفريق والتحليل فهذا ما يوجبه الشراب بكثرة المقدار وبالحرارة والبرودة وأما إذا اعتبر من جهة تقويته فله أحكام أخرى لأنه بذاته مقو للأصحاء ناعش للقوة بما يزيد في جوهر الروح بالسرعة.
وأما التبريد والتسخين الكائن منه وأن كان ضاراً بالقياس إلى أكثر الأبدان فكل واحد منهما قد يوافق مزاجاً وقد لا يوافقه فإن الأشياء الباردة قد تقوي الذي بهم سوء مزاج كما ذكر جالينوس أن ماء الرمان يقوي المحرورين دائماً وماء العسل يقوي المبرودين دائماً فالشراب من وليس كلامنا في هذا الآن بل في قوته التى بها يستحيل سريعاً إلى الروح فإن ذلك بذاته مقو دائماً فإن أعانه أحدهما في بدن ازدادت تقويته وإن خالفه انتقصت تقويته بحسب ذلك فيكون تغييره النبض بحسب ذلك إن قوي زاد النبض قوة وإن سخن زاد في الحاجة وإن برد نقص من الحاجة وفي أكثر الأمر يزيد في الحاجة حتى يزيد في السرعة.
وأما الماء فهو بما ينفذ الغذاء يقوي ويعفل شبيهاً بفعل الخمرولأنه لا يسخن بل يبرد فليس يبلغ مبلغ الخمر في زيادة الحاجة فاعلم ذلك.

.الفصل الثاني عشر: موجبات النوم واليقظة في النبض:

أما النبض في النوم فتختلف أحكامه بحسب الوقت من النوم وبحسب حال الهضم.
والنبض في أول النوم صغير ضعيف لأن الحرارة الغريزية حركتها في ذلك الوقت إلى الانقباض والغور لا إلى الانبساط والظهور لأنها في ذلك الوقت تتوجه بكليتها بتحريك النفس لها إلى الباطن لهضم الغذاء وإنضاج الفضول وتكون كالمقهورة المحصورة لا محالة وتكون أيضاً أشد بطأ وتفاوتاً فإن الحرارة وإن حدث فيها تزايد بحسب الاحتقان والاجتماع فقد عدمت التزايد الذي يكون لها في والحركة أشدّ إلهاباً وإمالة إلى جهة سوء المزاج.
والاجتماع والاحتقان المعتدلان أقل إلهاباً وأقل إخراجاً للحرارة إلى القلق.
وأنت تعرف هذا من أن نفس المتعب وقلقه أكثر كثيراً من نفس المحتقن حرارة وقلقه بسبب شبيه بالنوم مثاله المنغمس في ماء معتدل البرد وهو يقظان فإنه إذا احتقنت حرارته وتقؤت من ذلك لم تبلغ من تعظيمها النفس ما يبلغه التعب والرياضة القريبة منه وإذا تأملت لم تجد شيئاً أشد للحرارة من الحركة.
وليست اليقظة توجب التسخين لحركة البدن حتى إذا سكن البدن لم يجب ذلك بل إنما توجب التسخين بانبعاث الروح إلى خارج وحركته إليه على اتصال من تولده هذا فإذا استمر الطعام في النوم عاد النبض فقوي لتزيد القوة بالغذاء وانصراف ما كان اتجه إلى الفور لتدبير الغذاء إلى خارج وإلى مبدئه ولذلك يعظم النبض حينئذ أيضاً ولأن المزاج يزداد بالغذاء تسخيناً كما قلناه والآلة أيضاً تزداد بما ينفذ إليها من الغناء ليناً ولكن لا تزداد كبير سعة وتواتر إذ ليس ذلك مما يزيد في الحاجة ولا أيضاً يكون هناك عن استيفاء المحتاج إليه بالعظم وحده مانع ثم إذا تمادى بالنائم النوم عاد النبض ضعيفاً لاحتقان الحرارة الغريزية وإنضغاط القوة تحت الفضول التي من حقها أن تستفرغ بأنواع الاستفراغ الذي يكون باليقظة التي منها الرياضة والاستفراغات التي لا تحس هذا.
وأما إذا صادف النوم من أول الوقت خلاء ولم يجد ما يقبل عليه فيهضمه فإنه يميل بالمزاج إلى جنبه البرد فيدوم الصغر والبطء والتفاوت في النبض ولا يزال يزداد.
ولليقظة أيضاً أحكام متفاوتة فإنه إذا استيقظ النائم بطبعه مال النبض إلى العظم والسرعة ميلاً متدرجاً ورجع إلى حاله الطبيعي.
وأما المستيقظ دفعة بسبب مفاجىء فإنه يعرض له أن يفتر منه النبض كما يتحرك عن منامه لانهزام القوة عن وجه المفاجىء ثم يعود له نبض عظيم سريع متواتر مختلف إلى الإرتعاش لأن هذه الحركة شبيهة بالقسرية فهي تلهب أيضاً ولأن القوة تتحرك بغتة إلى دفع ما عرض طبعاً وتحدث حركات مختلفة فيرتعش النبض لكنه لا يبقى على ذلك زماناً طويلاً بل يسرع إلى الاعتدال لأن سببه وإن كان كالقوي فثباته قليل والشعور ببطلانه سريع.

.الفصل الثالث عشر: أحكام نبض الرياضة:

أما في ابتداء الرياضة وما دامت معتدلة فإن النبض يعظم ويقوى وذلك لتزايد الحار الغريزي وتقويه وأيضاً يسرع ويتواتر جداً لإفراط الحاجة التي أوجبتها الحركة فإن دامت وطالت أو كانت شديدة وإن قصرت جداَ بطل ما توجبه القوة فضعف النبض وصغر لانحلال الحار الغريزي لكنه يسرع ويتواتر لأمرين: أحدهما: استبداد الحاجة والثاني: قصور القوة عن أن تفي بالتعظيم ثم لا تزال السرعة تنتقص والتواتر يزيد على مقدار ما يضعف من القوة ثم آخر الأمر إن دامت الرياضة وأنهكت عاد النبض نملياً للضعف ولشدة التواتر فإن أفرطت وكادت تقارب العطب فعلت جميع ما تفعله الانحلالات فتصير النبض إلى الدودية ثم تميله إلى التفاوت والبطء مع الضعف والصغر.

.الفصل الرابع عشر: أحكام نبض المستحمين:

الاستحمام إما أن يكون بالماء الحار وإما أن يكون بالماء البارد والكائن بالماء الحار فإنه في أوله يوجب أحكام القوة والحاجة فإذا حلل بإفراط أضعف النبض.
قال جالينوس: فيكون حينئذ صغيراً بطيئاً متفاوتاً فنقول: أما التضعيف وتصغير النبض فما يكون لا محالة لكن الماء الحار إذا فعل في باطن البدن تسخيناً لحرارته العرضية فربما لم يلبث بل يغلب عليه مقتضى طبعه وهو التبريد وربما لبث وتشبث فإن غلب حكم الكيفية العرضية صار النبض سريعاً متواتراً وإن غلب بمقتضى الطبيعة صار بطيئاً متفارتاً فإذا بلغ التسخين العرضي منه فرط تحليل من القوة حتى تقارب الغشي صار النبض أيضاَ بطيئاً متفاوتاً.
وأما الإستحمام الكائن بالماء البارد فإن غاص برده ضعف النبض وصغره وأحدث تفاوتاً وإبطاء وإن لم يغص بل جمع الحرارة زادت القوة فعظم يسيراً ونقصت السرعة والتواتر.
وأما المياه التي تكون في الحمامات فالمجفّفات منها تزيد النبض صلابة وتنقص من عظمه والمسخنات تزيد النبض سرعة إلا أن تحلّل القوة فيكون ما فرغنا من ذكره.

.الفصل الخامس عشر: النبض الخاص بالنساء:

وهو نبض الحبالى أما الحاجة فيهن فتشتد بسبب مشاركة الولد في النسيم المستنشق فكأن الحبلى تستنشق لحاجتين ولنفسين فأما القوة فلا تزداد لا محالة ولا تنقص أيضاً كبير انتقاص إلا بمقدار ما يوجبه يسير إعياء لحمل الثقل فلذلك تغلب أحكام القوة المتوسطة والحاجة الشديدة فيعظم النبض ويسرع ويتواتر.

.الفصل السادس عشر: نبض الأوجاع:

الوجع بغير النبض إما لشدته وإما لكونه في عضو رئيس وإما لطول مدّته.
والوجع إذا كان في أوله هيج القوة وحرّكها إلى المقاومة والدفاع وألهب الحرارة فيكون النبض عظيماً سريعاً وأشد تفاوتاً لأن الوطر يفضي بالعظم والسرعة.
فإذا بلغ الوجع النكاية في القوة لما ذكرنا من الوجوه أخذ يتناكس ويتناكص حتى يفقد العظم والسرعة ويخلفهما أولاً شدة التواتر ثم الصغر والدودية والنملية فإن زاد أدى الى التفاوت وإلى الهلاك بعد ذلك.

.الفصل السابع عشر: نبض الأورام:

الأورام منها محدثة للحمّى وذلك لعظمها أو لشرف عضوها فهي تغير النبض في البدن كله أعني التغير الذي يخص الحمى.
وسنوضحه في موضعه ومنها ما لا يحدث الحمّى فيغير النبض الخاص في العضو الذي هو فيه بالذات وربما غيره من سائر البدن بالعرض أي لا بما هو ورم بل بما يوجع.
والورم المغير للنبض إما أن يغير بنوعه وإما أن يغير بوقته وإما أن يغير بمقداره وإما أن يغيره للعضو الذي هو فيه وإما أن يغيره بالعرض الذي يتبعه ويلزمه.
أما تغيره بنوعه فمثل الورم الحار فإنه يوجب بنوعه تغيّر النبض إلى المنشارية والارتعاد والارتعاش والسرعة والتواتر إن لم يعارضه سبب مرطب فتبطل المنشارية ويخلفها إذن الموجية.
وأما الارتعاد والسرعة والتواتر فلازم له دائماً وكما أن من الأسباب ما يمنع منشاريته كذلك منها ما يزيد منشاريته ويظهرها.
والورم اللين يجعل النبض موجياً وأن كان بارداً جداً جعله بطيئاً متفاوتاً والصلب يزيد في منشاريته.
وأما الخراج إذا جمع فإنه يصرف النبض من المنشارية إلى الموجية للترطيب والتليين الذي يتبعه ويزيد في الاختلاف لثقله.
وأما السرعة والتواتر فكثيراً ما تخص بسكون الحرارة العرضية بسبب النضج.
وأما تغيره بحسب أوقاته فإنه ما دام الورم الحار في التزيد كانت المنشارية وسائر ما ذكرنا إلى التزيد ويزداد دائماً في الصلابة للتمدد الزائد وفي الإرتعاد للوجع.
وإذا قارب المنتهى ازدادت الأعراض كلها إلا ما يتبع القوة فإنه يضعف في النبض فيزداد التواتر والسرعة فيه.
ثم إن طال بطلت السرعة وعاد نملياً فإذا انحط فتحلل أو انفجر قوي النبض بما وضع عن القوة من الثقل وخف ارتعاده بما ينقص من الوجع المدد.
وأما من جهة مقداره فان العظيم يوجب أن تكون هذه الأحوال أعظم وأزيد والصغير يوجب وأما من جهة عضوه فإن الأعضاء العصبانية توجب زيادة في صلابة النبض ومنشاريته والعرقية توجب زيادة عظم وشدة اختلاف لا سيما إن كان الغالب فيها هو الشريانات كما في الطحال والرئة ولا يثبت هذا العظيم إلا ما يثبت القوة والأعضاء الرطبه اللينة تجعله موجباً كالدماغ والرئة.
وأما تغيير الورم النبض بواسطة فمثل أن ورم الرئة يجعل النبض خناقياً وورم الكبد ذبولياً وورم الكلية حصرياً وورم العضو القوي الحس كفم المعمة والحجاب يشنّج تشنّجاً غشيياً.